كم صرخة بقيت حتى نستيقظ

الاعتداءات الجنسية أصبحت ظاهرة من الظواهر التي لا يمكننا السكوت عنها، فبين الحين و الآخر نسمع عن حدث يروعنا هنا أو هناك في مجتمعنا الفلسطيني الحبيب، فحينا نسمع عن أب يغتصب ابنته أو أخ يغتصب أخته، معلم يعتدي على طالبته أو مجرم يعتدي على طفل أو طفلة و ما إلى ذلك من جرائم الاعتداءات الجنسية التي لا تطاق، و هنا أتساءل كثيرا، أين ذهبت قيمنا و أخلاقياتنا و ما الذي حل بهذا المجتمع الأصيل، ما الذي أثر على نظامنا الأخلاقي الذي كنا و لا زلنا نفخر به؟؟؟


في اللحظات الأولى لسماعنا لمثل هذه القصص تقوم الدنيا و لا تقعد و تسارع وسائل الإعلام المختلفة لتحقق سبقها الصحفي بغية الشهرة و التقدم في مجال العمل، لن ننسى ضجة مؤسسات المجتمع المدني و تسارعها للمساندة و الدعم فالكل يريد أن يكون له دور يذكر في هذا المهرجان و الكل يريد أن يشارك في الأغنية، أضف إلى كل المشاركين في الغناء عدد لا بأس به من القائمين على تعديل التشريعات و القوانين.


أعزائي المشاركين في هذا المهرجان جميعا: لا أقصد الاهانة أو الإساءة فأنا من بينكم و من الذين يضجون و يشاركون في كل ما ذكرت بالقدر الذي يمكنني أن أشارك فيه و ليس المقصود التقليل من أهمية كل ما قامت به و تقوم به وسائل الإعلام، التشريعات ، الشرطة و كافة مؤسسات المجتمع المدني على الرغم من استغلال بعض المغرضين لمثل هذه المواقف.


إن معظم هذه الجهود متكاتفة تهدف إلى النهوض بمجتمعنا، حماية نسائنا و أطفالنا و كذلك شبابنا فهم ليسوا في معزل عن التعرض لمثل هذه الجرائم فليست النساء و البنات وحدهن الضحايا و هذا ما تظهره إحصائيات جرائم الاعتداءات الجنسية في الفترة الأخيرة و لكني ضقت ذرعا من سماع هذه القصص، لم أعد أستطيع احتمال هذا الألم ، فأنا أم لها من الأطفال أربعة و أنا امرأة تعيش في هذا المجتمع و بالدرجة الأولى أنا إنسانة يصيبها الهم و الأسى عند سماع هذه القصص، أنا أبحث عن الأمان لي ، لأولادي ، لإخوتي و أخواتي و لكل أبناء مجتمعي، لا يخفى على أحد منا حجم المشكلات و المعاناة التي يعاني منها المجتمع الفلسطيني و لا ينقصنا أن نضيف لقائمة مشكلاتنا إضافة جديدة، لذا لا بد لنا من إيجاد الوسائل المناسبة التي تضمن لجميع الناشطين و المشاركين في مواجهة هذه المشكلة تحقيق أهدافهم و تطبيق القانون و الحماية للجميع.


هدفت من هذه الرسالة إلى تشجيع كافة الأطراف التي عملت و لا زالت تعمل في هذا المجال إلى تكثيف جهودها و متابعة عملها من أجل الحد من هذه الظاهرة المؤلمة و هنا لا بد من التأكيد على أهمية الدور الذي تلعبه المؤسسات في توعية كافة أفراد المجتمع لمواضيع الصحة الجنسية و أيضا طرق حماية الفرد و المجتمع لنفسه و لغيره و أيضا ، هنا لا بد أيضا التذكير بأهمية تعريف المجتمع إلى أهم المؤسسات التي تقدم الرعاية و الحماية لمن هم عرضة أو تعرضوا لمثل هذا النوع من الجرائم.


و في النهاية أود أن أذكر بأهمية محاسبة كل الجناة الذين قاموا بمثل هذه الجرائم حتى يكونوا عبرة لمن اعتبر و حتى لا يظن من تسول له نفسه بأنه محمي من المحاسبة و العقاب فنعم لأقصى العقوبات و لتكن علنية لتكون رادعا و حاميا للجميع و ليس هناك أي داع لصرخات ألم جديدة ، يكفينا صرخات من سبقوا…….