مذكرات الزوجة الأولى

بدى اليوم عادي لها، إعتادت على صراخه صباحاً مساءً دون سبب، تتحمل كافة المسؤولية في البيت وإتجاه الأولاد ولم تعد تفكر بالأمر كثيراً، فقدت الأمل في تغيره، لن يتغير ولن يساهم في أعمال البيت، لن يكون حاضراً لأولاده عندما يحتاجونه ،كعادته يومياً ينام ويصحو على الفيسبوك وهاتفه النقال، تشرد للحظه وتقول لنفسها سوف أبقى سائرة لن يجبرني أحد على ترك عملي، ولن يكون هو الحل ليعود لي زوجي ،لم اقصر في واجباتي اتجاه زوجي او اولادي ، لا بل بالعكس هو لم يعد حاضر لشي، يسائل فقط عن ماذا سيأكل وهل ملابسه نظيفه ومكويه ، وعندما اجاول ان اشاركه بما يعمل اولاده في المدرسه او ماذا يحتاجون ، يجيب بعدين بعدين ما عندي وقت ويخرج ، فأنا لم أتعلم لكي أخدم في البيت فقط، خلقت لكي اساهم في خلق التغير في الحياة وسوف أحمي نفسي وأولادي.


بعد أن أنهى أطفالها الفطور، حضرتهم للمدارس وودعتهم ودعت لهم بالنجاح، جاء دورها لكي تكون جاهزة للعمل فهي موظفة والعمل يعطيها الصبر على ما هي فيه، ويبقى الجانب الإنساني والشعور مع الغير ولا يحصر تفكيرها في سلبيات زوجها المزعجة لعله في يوم ما يتغير ويصبح إنسانياً وأكثر حنان ويعود كما كان بأول الزواج، وتعود أيامهم الخوالي، أيام الحب والمشاركة والتي للأسف لم تدم طويلاً، حيث بدأت تتلاشى مع أول مولود لهم، من حينها بدأت تتساءل ما هو السبب، تزوجنا ونحن نعرف بأننا سنحب!!!!وهذا مستحيل!!!!! وتعود وتتسائل الشعب العربي يتزوجون لكي ينجبوا وليس ليتمتعوا بعلاقة حميمية فقط ، وإن كان لا يريد أطفال، كان من المفروض أن يشاركني الرأي …. كل ذلك كان في رأسها كلمح البصر … تغلق باب بيتها وتذهب إلى العمل …تصبح على من يكون في طريقها ، كأنها تعرفهم جميعا ، فهي تبرع في نسج العلاقات الاجتماعيه ، ولديها قبول كبير من الناس، اعطاها الخالق هذه الصفه.


تدخل المكتب مبتسمه ،وتقول لنفسها لن أدعه يغيب هذه الابتسامه عن وجهي، امي تقول لي هذا ما يميزني من بين اولادها انني خلقت بها وبقيت معي وبها ادخل الفرحه الى قلوب كل من يتعاملون معي، وتضحك باستهزاء الا مع زوجي يا امي ، تعود الى الواقع مره اخرى وتلقي التحيه على زميلاتها في العمل يبدأ نهارها كالمعتاد فهي لم تتأخر يوما عن عملها وكأنها تعد اللحظات كي تكون في مكتبها …. تعمل بطاقه كبيره واحيانا تنسى موعد الاستراحه ، يذكرها زميلاتها بانهن يسبقنها للاستراحه لكي لا تتأخر عليهم ، تنهي ما بيدها وتنضم اليهم لتناول الغذاء … ويتصفحن الجريدة وبعد نصف ساعة يعدن إلى العمل كالمعتاد في ذلك اليوم، دخلت غرفة الإستراحة تضحك وتروي النكات هكذا هي تخلق البهجة في نفوس الآخرين، ولكن لم ترى في عيونهن ردة الفعل التي تعودت عليها دائماً، تساءلت ماذا جرى هل عملت لكن شيء بالله عليكن أجبن، لا نحن فقط تعبانين من العمل يجبن زميلاتها، واصلت حديثها ونكاتها ولكن لم يتغير شيء وأقسمت لهن أنه هناك خطب ما … وعندها نظرت في عيني صديقتيها المقربة ورأت الجريدة بيدها وقد ملأت الدموع عيناها.


تساءلت ماذا هناك، هل توفي أحد؟؟ أخبريني فلقد تعودت على سماع الاخبار السيئه، وهنا ضمتها وأعطتها الجريدة لتقرأ، نظرت وقرأت العنوان إبلاغ عن طريق المحكمة إلى المدعوة فلانة بنت فلان وأعادت القراءة مرة أخرى (إعلان) وضحكت بهستيرية هذا أنا، هذا إسمي أنا مكتوب بالجريدة وهذه المرة ليس للمباركة بالنحاح أو التخريج بل لإبلاغي بأن زوجي سيتزوج على فلانة. بالله عليكن لماذا يبلغني بذلك وهل بلاغي يعني له شيء ؟، هل إذا رفضت سيتغير رأيه أم هم يبلغونني فقط ليقف أمام الناس ويمشي في الشارع مرتاح الضمير، آه… آه اللهم بلغت وسيكون مثواه الجنة هه هه هه الجنة.لا يا عزيزي فأنت أخذت من الدين ما يرضي رغباتك وليس مرضاة الله، وتعود وتضحك بهستيرية من قال لهم أنني أريد هذا البلاغ، لا سيدي القاضي، لا عزيزي الزوج لا أريد بلاغكم هذا لكي ترفعوا عن عاتقكم المسؤولية أمام الناس اللهم بلغت، بربكم هل هناك إهانة أكبر من ذلك… ضحكت بهستيرية وتركت الغرفة ثم عادت وإنفجرت بالبكاء وضحك وقالت بالله عليكن واحدة تفهمني هل هذا هو التغير الذي كنتم تتحدثون عنه قبل ايام حول تعدد الزوجات وحك الزوجه في المعرفه؟؟؟ هذا التغيير في المجتمع الفلسطيني وقرار المحاكم الشجاع هو فقط للتمادي بإهانة المرأة لا للحفاظ على حقها، وباستهزاء تقول : بالعادة قرار المحكمة يكون متعلق بحق ما إلا هذا القرار فهو مليء بالإهانة لي ولغيري من النساء .


عادت إلى مكتبها وجلست لحظه صمت عميق ، تفكر بماذا ستعمل وماذا ستقول، مسكت قلمها لتفرغ ما بداخلها ولاول مره لا يهمها اسعاد الطرف الاخر بقدر ما تبر جرحها العميق وغضبها ضد من اهانوها بهذه الطريقه .تنهدت وسطرت بدموعها رسالة لزوجها وباقي الأطراف في القصة قائلة : عزيزي الزوج أتمنى لك التوفيق في حياتك الجديدة واعلمك باني لن أشعر بالندم إتجاه إنسان تجرد من كل مشاعر الإنسانية ووصل به الحد لكي يبلغني ويبلغ كل الشعب بأنه سيتزوج ثانية، كان الأجدر بك أن تبلغني أنا فقط لأنني صاحبة الشأن او تواصل حياتك دون ان تخلق جلبه لي ، سيأتي اليوم وتدرك أيها الزوج أن قضيتي انا المرأة دئمه معك وشائكة ولن يوقفها رجل أناني فكر في ذاته ورغباته فقط، سيأتي اليوم الذي تنجب فيه أطفال من زوجتك الثانية وعندها ستدرك معنى الحياة. وعندما تكبر ابنتنا ويأتي لها عريس ستكون من اول المباركين لها، وعندما تبلغ إبنتك بقرار زوجها بالزواج عليها عن طريق المحكمه وفي الجريدة لن تكون بجوارها لتدعمها ولا يوجد لديك ما تقول لها في ذلك الظرف ، وصدقا لا أتوقع ان تسمع لك او ترغب في رؤيتك ،عندها فقط أود ان تخبرني ما هو شعورك. وإذا أقدم إبنك على نفس فعلتك سوف تنصحه بعدم خوض التجربة ثانية ، فلا تعمل من نفسك أضحوكه لانه لن يتسمع لك وستكون لك صدمه لانهم لأول مرة لا يأخذون برأيك.


أما أنت عزيزتي الزوجة الثانية فأقول لك إن كان هذا الزواج مفروض عليك فلديك عدة طرق للتخلص منه،وإذا كان بإرادتك فلن تنتظري طويلاً حتى يأتيك نفس البلاغ عبر الصحف ويقرأ القريب والبعيد خبر زواجه الثالث عندها فقط ستعرفين ما هو شعوري الآن ،ستحاولين الحديث معي دون فائدة سوف أقول لك هذه مشكلتك أنت ، أما أنا فقد نسيتها منذ زمن ولم اعد اذكرها . وأنتم يا أهلها الكرام، أيها الأب الفاضل، أيها الأخ الذي كان يحتد إذا ذكر إسم أمه بالعلن أمام الناس ولم أعرف يوما لماذا تخجلون من ذكر أسماء أمهاتكم علنا، أطمأنكن بأن هذا اليوم قريب، أقرب مما تتوقعون سيكون إسم أختك وأمك بالجريدة لبلاغكم بنيه زواجه الثالث، ويقرأه كل الشعب الفلسطيني عندها هل ستخجل من أن تقرأه أنت؟؟؟ وتنهي رسالتها قائلةعزيزي ممتلك القرار ، ان كنت تعتبر ان إبلاغي بالخبر لمجرد البلاغ فقط وابتغاء لمرضاة الله فانا في غنى عن بلاغكم، وان الدين ربط تعدد الزوجات بالعدل ولن تعدلو ولن تنالو الثواب في ذلك ، وان كنتم تعتبرون أن هذا تغير ايجابي ؟ فأنتم مخطئين ،التغيير الحقيقي هو الذي يخدم حق الإنسان وليس الذي يخدم أهواء الرجال أو غيرهم ، وتضيف عزيزي القاضي تريث لا تفرح بما عممت علينا ، فأنت لم تنصفني، ولم تخلق تغيير بل خلقت لي أزمة لن انساها ودونتها وأضفتها إلى كتيبي في الحياة بعنوان “أزمات من صنع الرجال”.